مجلة أدبية * فنية * متنوعة * شعر فصحى* شعر عامي* قصة * ومضة* أجتماعية ثقافية * سياسية

السبت، 30 مارس 2019

الشاعر/ توفيق الفاطمي

بكاء ألحروف
---------------------------
     إن حضر لا يعدّ
              وإن غاب لا يُفتقَدْ
                هكذا أنا قصة
                  من الألم كتب على
                     أوراق تتنفّس البُعدْ      أ.                     أيّامي حبلى بالأحزان
                          غير الوجع لن تلدْ
                            رجمني ألف مرّة
                              أصحاب الخطايا
     واللّيل على أفعالهم شهدْ
       أصبحت بين
         تلك الأيادي نردْ
               أٌقذَف ألف مرّة
                   كطفلٍ في ليلة شتاء
                      لاتعرف سوى البردْ
                        سوداء تلك الأيادي
                         لا تعرف سوى الجَلْدْ
                            لم يتبقَّ مني شيئا في محراب
                                             الهجر صلب                  حتّى

                  الجسدْ

يا سيّدتي
انا لست من البلاط
ولن أدخل قصور المماليك
أنا فقير أعشق الأيتامْ
أتنفّس النّقاء في ذلك الكوخ الذي يحتضن نهرا جفّ منذ سنين
لا أمتلك إلاّ شجرة أكتب تحت ظلّ أوراقها الحروفْ
لن أخشى السّيوفْ 
ولن تخيفني عربات القياصرهْ
ولا قلاع الأباطرهْ
أعشق المغامرهْ
أهاجر مع الطّيور المهاجرة
أعانق القصيدة وأحتضن في الليل الحزين الخاطرهْ
أعلم أن سنين عمري عاهرهْ
تضاجع الحزن فلا ألوم السّنين الكافرهْ
جفّت صحراء العمر بعد أن هجرتني السّنين الماطرهْ
بالأمس قتلت عندما بكى القمرُ
وحلّ الظّلام في ليلة الخسوفْ
مجنون انا
أعشق عشتار
وأذوب في جمال شبعاد
وأتمنّى أن أقبّل كيلوباترا
وأراقص نفرتيتي
وأحتضن شجرة الدّرّ
هكذا أنا شقيّ أبحث عن المتاعب في المتاهات
وفي أقدم الكهوف أتسلق أسوار الممالك
أبحث في كتب التاريخ ْ
أبحث في جدران الحضاراتْ
أفك طلاسيم الحروفْ
تكلّمني الرّموزْ
أرسم وأرسم ألف صورة في السّماءْ أبحث في آثار الرّاحلين وفي محطّات الغائبين في كلّ الطّرقاتْ
عاشرت الجراحْ
أقمت قداس في محراب الألم أغرقني ألف طوفان
اِرتديتُ الأحزانْ
أغواني ألف ألف شيطانْ
رماني في أحضان الخطايا
شاهدت المعصية ترتدي ألف قناعْ
أغلقت كلّ الأبوابْ
فتحت القيود بمفتاح الغفرانْ
خلعت الأثوابْ
هربت من بين يدي العِقابْ
أبحث عن التّوبةِ
اُتُّهمت أنّي كثير التّرحال بين قلوب النّساءْ
رُميت برصاص الحروف ألف مرّهْ
أصابتي الجراحْ
اِنتظرت شروقًا من دون صباحْ
لن يأتي أبدا الضّياءْ
غرق في عتمة ظلامٍ يجيد الاِجتياحْ
مزّقت كلّ الأوراقْ
حلّ الهجر
حلّ الفراقْ
بدأ الاحتراقْ في المتاهاتْ
بدأ الرّحيل نحو المجهولْ
دفنت حيًّا كالجسد المقتولْ
حلّ على أوراق عمري الذّبولْ
فقدتُ الجمال الذي ترتديه الحقولْ
اِرتدت الأحزان كلّ الفصولْ
حلّ على أرض جسدي السّوادْ
أعلنت على حروفي الحدادْ
أعلنت الهجر والبعادْ
عن جميع البشر سأعتكف في صومعتي
فقد جفّ الحبرْ
وجفّت سنين العمرْ
وأغرق كلّ سفن القصائد البحرْ
نعم أعترف أنّ الأوراق تحتضرُ
على وسادة القدرْ
وقد تنتهي حكاية سيد المطرْ
حكاية العمر
يوما ما ستموت وتدفن في تلك المقابرْ
بصمت وكتمانْ
ستدفن دون أن تترك عنوانْ
ضجّت الجراح بالبكاءْ
وهي تشيّع هذا الشّتاءْ
وسط صراخ الرّبيع قرب خطوات اللّقاءْ
في ذلك المكانْ
هجر القمر ذلك الليلْ
وبدأت قوافل العشقِ بالرّحيلْ
نحو اللاّمكان نحو المجهول نحو المستحيلْ
وسقط العشق برصاص البعد قتيلْ
ودفن في مدن النسيانْ

توفيق الفاطمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق